lundi 18 octobre 2010

دراسة نص/ السنة الثالثة شعب علميّة


معهد الحبيب ثامر بصفاقس
فرض مراقبة عدد 1 في العربيّة
السنة الدراسية: 2009 ـ 2010
الاسم واللّقب:
الأستاذ: عبد الوهاب الشتيوي
القسم: 3ع ت3
من "المقامة الموصليّة"
حدّثنا عيسى بن هشام قال:... دُفعنا إلى دارٍ قد مات صاحبها، وقامت نوادبها، واحتفلت بقوم قد كوى الجزع قلوبهم، وشقّت الفجيعة جُيوبهم... فدخل الإسكندريّ الدّارَ لينظر الميّتَ، وقد شُدّت عصابته ليُنقل، وسُخّن ماؤه لِيُغسلَ، وهيّئ تابوته ليُحمل، وخيطت أثوابه ليُكفّن، وحفرت حفرته ليُدفن... فأخذ حلقة وجسّ عِرقه، وقال: يا قوم اتّقوا الله لا تدفنوه فهو حيٌّ، وإنّما عرته بهتة... وأنا أسلّمه مفتوح العينين بعد يومين، فقالوا: من أين لك ذلك؟، فقال: إنّ الرّجل إذا مات برُدَ إِبِطُهُ، وهذا قد لمسته فعلمت أنّه حيّ، فجعلوا أيديهم في إبطه فقالوا: الأمر على ما ذكر، فافعلوا كما أمر.
وقام الإسكندريّ إلى المّيّت، فنزع ثيابه ثمّ شدّ له العمائم، وعلّق عليه التّمائم [الحجاب، الرُّقى]، وألعقه الزّيت، وأخلى له البيت، وقال: دعوه ولا تروّعوه... وخرج من عنده وقد شاع الخبر وانتشر بأنّ الميّت قد نُشِرَ... وانثالت علينا الهدايا من كلّ جار، حتّى ورم كيسنا فضّة وتبرًا، وامتلأ رحلنا جبنًا وتمرً، وجهدنا أنْ ننتهز فرصة في الهرب فلم نجدها، حتّى حلّ الأجل المضروب، واستُنجز الوعد المكذوب.
فلمّا ابتسم ثغر الصّبح... جاءه الرّجال والنّساء أزواجًا، وقالوا نحبّ أنْ تُشفي العليل، وتدع القال والقيل، فقال الإسكندريّ: قوموا بنا إليه، ثمّ نزع التّمائم عن يديه، وحلّ العمائم عن جسده، وقال: أنيموه على وجهه، فأُنيم، ثمّ قال: أقيموه على رجليه، فأقيم، ثمّ قال: خلّوا عن يديه، فسقط رأسًا، وطنّ الإسكندريّ بفيه، وقال: هو ميّتٌ كيف أحييه؟ فأخذه الخفّ، وملكته الأكفّ، وصار إذا رُفعت عنه يدٌ وقعت عليه أخرى.
بديع الزّمان الهمذانيّ، المقامات، ص ص98، 99

1 ـ ضع تقسيمًا للنصّ معتمدًا البنية القصصيّة معيارًا. (1.5ن)
أ ـ من بداية النصّ ← جيوبهم وضع البداية / مصيبة القوم.
ب ـ من فدخل ← فسقط رأسًا: سياق التحوّل / تحيّل الإسكندريّ.
ج ـ بقيّة النصّ: وضع الختام / اكتشاف التّحيّل ومصير الإسكندريّ.
2 ـ يقوم النّصّ على مفارقة بين صفات الإسكندريّ وصفات أهل الميّت. وضّح ذلك.(1.5ن)
الإسكندريّ واعٍ وأهل الميّت فاقدو الوعي لانصرافهم الكلّي إلى الحزن ـ الإسكندريّ عابث وأهل الميّت جادّون ـ الإسكندريّ مشاعره مستقرّة وأهل الميّت مشاعرهم حزينة ـ الإسكندريّ يمارس العقل وأهل الميّت يمارسون العاطفة ـ الإسكندريّ خبيث داهية وأهل الميّت طيّبون سذّج ـ الإسكندريّ مزيّف للقيم (حرمة الميّت) وأهل الميّت محافظون عليها.
3 ـ استخرج أربعة مظاهر للإضحاك في النّصّ؟(2)
أ ـ جسّ الإسكندريّ الميّت وفحصه رغم تأكّده من موته.
ب ـ ادّعاء أنّ الرّجل حين يموت يبرد إبطه، وميّت هؤلاء القوم مازال إبطه دافئًا.
ج ـ معالجته للرّجل بكلّ تلك الأشياء.
د ـ سقوط الميّت، وضرب الإسكندريّ.
4 ـ لخّص النّص في خمسة أسطر مستعملاً الأمر والنّهي. (4 ن)
حدّثنا عيسى بن هشام قال: أتيتُ ذات يوم والإسكندريّ دارًا توفّت المنيّة صاحبها، وأعيى الحزن أهلها، فدخل الإسكندريّ البيت، ونظر الميّت، وقال لهم: كفّوا عن البكاء فهو حيّ يرزق، وصبرًا جميلاً حتّى أعيده إلى سالف نشاطه سليمًا معافى، وصدّقه القوم بعد أنْ بيّن أنّ إبطه مازال دافئًا عكس ما يكون عليه الميّت، فانهالت عليه الهدايا والعطايا، وبدأ يعالجه بالتّمائم والعمائم، ويسقيه الزّيت حتّى الصّباح، فجاء القوم، وقالوا: لا تقلْ إلاّ الحقّ، ولا تعبث بنا، واحيِ الميّت، فذهب بهم إليه، فأنهضه وأجلسه، وأقامه لكنّه كان يتساقط، فاكتُشف أمره، وأُشبع ضربًا ولطمًا.
5 ـ هل تعتقد أنّ الهمذانيّ ألّف هذه المقامة من أجل إضحاك النّاس، والتّرفيه عنهم؟ (3ن)
لا يمكن القول إنّ الهمذانيّ ألّف مقامته هذه من أجل إضحاك النّاس والتّرفيه عنهم فحسب، كما لا يمكن إنكار رغبته في تحقيق هذه الوظيفة، فالمقامة خطاب ساخر جادّ في آن واحد، حالفة بألوان الإضحاك والهزل والفكاهة، تنعش النّفس، وتطرب العاطفة، ترفّه على المكلوم الجريح الذي أرهقته الحياة بصنوف مشاكلها، وتصاريف أيّامها، وعبثت بأحلامه وأمانيه، وتجدّد نشاطه، وتضحكه منها بدل الحزن والغمّ، لكنّ المقامة أيضًا تحمل من النّقود الموجّهة إلى المجتمع مظاهر عديدة، فالهمذانيّ نقد قيم المجتمع النّاشئة الفاسدة مثل التّخلّي عن الكرم والتمسّك بالبخل تشبّهًا بالفرس، ونقد ممارسة العنف المادّي واللّفظيّ بين أفراد المجتمع، والتّعدّي على أملاك الآخرين، والسّرقة واللّصوصيّة وقطع الطّريق، والتّعدّي على حرمات الدّين وتشويهه، ونقد أحوال الاقتصاد، وانتشار الفقر والمجاعة والتّسوّل وقلّة موارد الرّزق...
6 ـ إنتاج تّحرير: (8 ن)
"لجأ الكتّاب العرب القدامى إلى الفكاهة من أجل الإمتاع والنّقد في آن".
حلّل هذه الفكرة مستندًا إلى الأمثلة والشّواهد ممّا درست.
1 ـ الغاية الإمتاعيّة:
ـ الإضحاك من أجل التّرفيه عن النّفس، وتمكين النّفس من تجديد نشاطها.
ـ مقاومة الحالات العصبيّة التي يمكن أنْ تنتاب الإنسان.
ـ السخرية من الحياة بدل تحميل الذّات ما لا تحتمل.
ـ ملء لحظات الفراغ بما لذّ وطاب من فنون الإضحاك والفكاهة.
ـ تمتين العلاقات بين الأفراد والجماعات والتّقريب بين الطّبقات عبر النّصوص الهزليّة.
2 ـ الغاية النّقديّة:
ـ نقد البخل: بعض المقامات، ونوادر الجاحظ في "البخلاء".
ـ نقد التّقلّبات الاجتماعيّة والتّحوّلات الاقتصاديّة إلى درجة انتشار المجاعة: المقامة المجاعيّة.
ـ تشويه صورة الدّين، واستغلاله من أجل قضاء المآرب الشّخصيّة الخسيسة: المقامة الموصليّة.
ـ نقد المشاكل الاجتماعيّة بين الجماعات والطّبقات، وانتشار مظاهر العنف: المقامة الحلوانيّة والمقامة البغداديّة.
ـ انتشار الحيلة والكُدية، واستغلال طيبة بعض الأفراد وسذاجتهم: المقامة البغداديّة.
ـ تراجع الموارد الاقتصاديّة، وتقلّص فرص الشّغل: المقامة الحلوانيّة.
ـ انصراف الحكّام إلى اللّهو والأنس.
ـ إنفاق أموال الدّولة على المتفكّهين أمثال أبي دلامة.
وفق الله الجميع

mercredi 13 octobre 2010

نموذج فرض دراسة نصّ: الثالثة علوم ورياضيات


معهد الحبيب ثامر بصفاقس
فرض مراقبة عدد 1 في العربيّة
السنة الدراسية: 2009 ـ 2010
الأستاذ: عبد الوهاب الشتيوي
القسم: 3ع ت3
من "المقامة الموصليّة"
حدّثنا عيسى بن هشام قال:... دُفعنا إلى دارٍ قد مات صاحبها، وقامت نوادبها، واحتفلت بقوم قد كوى الجزع قلوبهم، وشقّت الفجيعة جُيوبهم... فدخل الإسكندريّ الدّارَ لينظر الميّتَ، وقد شُدّت عصابته ليُنقل، وسُخّن ماؤه لِيُغسلَ، وهيّئ تابوته ليُحمل، وخيطت أثوابه ليُكفّن، وحفرت حفرته ليُدفن... فأخذ حلقة وجسّ عِرقه، وقال: يا قوم اتّقوا الله لا تدفنوه فهو حيٌّ، وإنّما عرته بهتة... وأنا أسلّمه مفتوح العينين بعد يومين، فقالوا: من أين لك ذلك؟، فقال: إنّ الرّجل إذا مات برُدَ إِبِطُهُ، وهذا قد لمسته فعلمت أنّه حيّ، فجعلوا أيديهم في إبطه فقالوا: الأمر على ما ذكر، فافعلوا كما أمر.
وقام الإسكندريّ إلى المّيّت، فنزع ثيابه ثمّ شدّ له العمائم، وعلّق عليه التّمائم [الحجاب، الرُّقى]، وألعقه الزّيت، وأخلى له البيت، وقال: دعوه ولا تروّعوه... وخرج من عنده وقد شاع الخبر وانتشر بأنّ الميّت قد نُشِرَ... وانثالت علينا الهدايا من كلّ جار، حتّى ورم كيسنا فضّة وتبرًا، وامتلأ رحلنا جبنًا وتمرً، وجهدنا أنْ ننتهز فرصة في الهرب فلم نجدها، حتّى حلّ الأجل المضروب، واستُنجز الوعد المكذوب.
فلمّا ابتسم ثغر الصّبح... جاءه الرّجال والنّساء أزواجًا، وقالوا نحبّ أنْ تُشفي العليل، وتدع القال والقيل، فقال الإسكندريّ: قوموا بنا إليه، ثمّ نزع التّمائم عن يديه، وحلّ العمائم عن جسده، وقال: أنيموه على وجهه، فأُنيم، ثمّ قال: أقيموه على رجليه، فأقيم، ثمّ قال: خلّوا عن يديه، فسقط رأسًا، وطنّ الإسكندريّ بفيه، وقال: هو ميّتٌ كيف أحييه؟ فأخذه الخفّ، وملكته الأكفّ، وصار إذا رُفعت عنه يدٌ وقعت عليه أخرى.
بديع الزّمان الهمذانيّ، المقامات، ص ص98، 99

I ـ الفهم: (6 ن)
1 ـ ضع تقسيمًا للنصّ معتمدًا البنية القصصيّة معيارًا. (1ن)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
2 ـ يقوم النّصّ على مفارقة بين صفات الإسكندريّ وصفات أهل الميّت. وضّح ذلك.(1ن)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
3 ـ استخرج أربعة مظاهر للإضحاك في النّصّ؟(2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
4 ـ لخّص النّص في خمسة أسطر. (2ن)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . II ـ اللغة: (4 ن) :
1 ـ حدّد الأسلوب الإنشائيّ في الكلمات المسطّرة، والصّيغة أو الأداة والمعنى البلاغيّ المراد (2ن).
1 ـ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
2 ـ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 3 ـ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 4 ـ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـ إيت ببيت شعريّ يتضمّن أمرًا أو نهيًا أو استفهامًا (1ن).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
2 ـ سؤال التّصرّف: قال الإسكندريّ: يا قوم اتّقوا الله. صرّف الفعل مع كلّ الضّمائر. (1ن)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
III ـ إبداء الرّأي(3ن):
هل تعتقد أنّ الهمذانيّ ألّف هذه المقامة من أجل إضحاك النّاس، والتّرفيه عليهم؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
IV ـ إنتاج تّحرير: (7 ن)
"لجأ الكتّاب العرب القدامى إلى الفكاهة من أجل الإمتاع والنّقد في آن".
حلّل هذه الفكرة مستندًا إلى الأمثلة والشّواهد ممّا درست.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

mardi 12 octobre 2010

الموشحات الأندلسيّة

الأستاذ عبد الوهاب الشتيوي
معهد الحبيب ثامر ـ صفاقس، الجمهورية التونسيّة

لقد استطاع أهل الأندلس رغم تقليدهم للمشارقة في أدبهم من حيث أساليبه و أغراضه و معانيه أن يحقّقوا شيئا خاصّا بهم يبقى مذكورا على طول الأزمان و يشهد لهم على قدراتهم الإبداعيّة و الإبتكاريّة أيضا ، لقد استطاعوا أب يبتكروا لونا أدبيّا خاصّا بهم يعترف كلّ المؤرّخين أنّهم السبّاقون لمعرفته، ونقصد بذلك " فنّ الموشّحات " و سنلقي بعض الأضواء عليه لنرى أسباب نشأته و مفهومه و خصائصه، ثمّ نرى حظّ ابن زيدون منه بما أنّه موضوع دراستنا الأصليّ .
I ـ نشأة فنّ الموشّح :
إنّنا لو حاولنا أن نغوص بحثًا في هذه المسألة لما خرجنا منها فائزين بجواب كاف ضاف، لذلك سنحاول الاختزال و الإشارة إلى المهمّ لأنّ النقّاد لم يتفقوا حول الأسباب الرئيسيّة و الحقيقيّة لنشأة فنّ الموشّح.
يرى الدّارسون أنّ هناك عوامل كثيرة ساهمت في النّشأة يعود بعضها إلى ما عاشه الشعراء في المشرق و أحسّوا به و لم يستطيعوا انجازه انجازًا تامًّا، ونقصد بذلك أنّهم أصبحوا متضايقين من الأوزان العروضيّة الخليليّة التّقليديّة و قيود القافية و وجدوها تقضي على آفاقهم الإبداعيّة و تحرمهم من لذّة الإبتكار و الاكتشاف، فـ " ـالأمر يتعلّق فعلا ببلوغ الشّعر العربيّ في مشرقه و مغربه حالة من الإستقرار في بنيته لم يعد قابلا معها لأيّ تطوير . و قد حجّر النّقّاد و الرّوّاة أشكاله و حتّى أغراضه و نصّبوا القصيد الجاهلي نموذجًا يحتذى لا يمكن الحياد عنه ". ( محمود طرشونة ، الكتاب المدرسي ، ص 198 ـ س 1997 ) . فأخذ بعضهم ( أبو نواس و بشّار و أبو العتاهية و مسلم بن الوليد خاصّة ) في كسر القاعدة الشّعريّة بإبتكار بعض الأوزان يتحرّرون فيها من تلك القيود الملزمة و ظهر الشّعر المسمّط و المزدوج والمثلّث والمربّع والمخمّس والمزركش ، من ذلك قول أحدهم :
موسى المطرْ غيث بكرْ ثمّ انهمرْ ألوى المررْ
كم اعتسرْ ثمّ ايتسرْ و كم قدرْ ثمّ غفرْ
فتابع الأندلسيّون هذه الثورة التجديديّة من ذلك أنّ ابن عبد ربّه صاحب كتاب " العقد الفريد " أوجد دوائر عروضيّة جديدة تعطي أوزانا جديدة لم يتطرّق إليها الخليل بن أحمد صارت غرام أصحاب الأدب في ذلك العصر و صاروا يجرّبون حظوظهم في نظم ما لم يكن متوفّرا من قبل ، فيقول ابن خلدون في " المقدّمة ": " فلمّا كثر الشّعر في قطرهم و تهّذبت مناحيه و فنونه ، و بلغ فيه التنميق الغاية ، استحدث المتأخّرون منهم فنًّا منه سمّوه بالموشّح " . ( عن طرشونة ، م ، ن ). وأنشؤوا فنّ الموشّح بمساهمة عامل آخر قويّ هو تطوّر الغناء في الأندلس لا سيّما لمّا قدم إليها " زرياب " مبتكر الوتر الرّابع لآلة العود ، و قد اعطى هذا التطوّر المغنّين أكثر حريّة في التعامل مع الأوزان و مع القصائد المغنّاة و صاروا يضيفون إليها بعض المقاطع العامّية خاصّة حتّى يسهل غناؤها و يخفّ وزنها ، و هذا الرّأي يؤكّده احسان عبّاس فيقول : " و الحقيقة التي تبقى ثابتة هي صلة المشّح بالغناء لأنّ الغناء هو الذي سهّل على الوشّاح ركوب الأعاريض المهملة ، إذ الغناء هو الذي يحدث التّناسب المفقود بالمدّ و القصر و الزّيادة والخطف ، و قد حدّثنا ابن سناء الملك نفسه أنّ بعض الموشّحات لا تتمّ نغمتها إلاّ بزيادة نغميّة فيها ". (225 ) . كما يؤكّده جودت الرّكابي فيقول : " ممّا لاشكّ فيه أنّ لحياة اللّهو و المجون و لإنتشار السّمر و الغناء في الأندلس أثراً في اختراع الموشّح و ظهوره في تلك الأرض ذات الطّبيعة الوارفة الظّلال ، فالشعر الخفيف كما نعلم مادّة الغناء ، فإذا كان انتشار الغناء في الأندلس قد استدعى ظهور الموشّح ، فإنّه أيضا قد حدّد له وزنه و حرّره من قيود الشّعر التقليدي و قوالب الأوزان المعروفة و عبوديّة القافية الوحيدة . فالنّهضة الغنائيّة إذن كانت من دواعي ظهور هذا الفنّ " . ( ص 258 ) . و قد أثبتت دراسات الصّلة القويّة بين الموشّح و ضرب من الغناء ظهر في جنوب فرنسا القريب من الأندلس يسمّى " التّروبادور " حيث أنّ هناك تشابهًا في الأغراض ( الغزل و الطّبيعة ) والأوزان و تعدّد القوافي و ترتيب أجزاء القصيدة ، و نجد في الموشّح الألفاظ العاميّة لا سيّما في الخرجة و هو ما يقوّي رأي القائلين بأنّه نشأ تأثّرا بتطوّر الغناء .
و لكنّ د / شوقي ضيف رفض هذا الرّأي و بيّن أنّ الموشّحات كانت تطويرًا لمحاولات الشّعراء المشارقة تطوير الشّعر إذ اخترعوا التنويع في القوافي و الجمع بين البحور ، و هذا الرأي فيه تعصّب لأنّ ضيف أنكر في كتابه أيّ فضل للأندلسيّين و جعل فنونهم و آدابهم محاكاة للمشرق ، فيقول : " و لعلّ في هذا ما يشير إلى في صراحة إلى أنّ الموشّحات فنّ أندلسيّ محليّ و إن كنّا لا نؤمن بأنّها نشأت من المزاوجة بين الشّعر العربي و ضروب من الأغاني الشّعبيّة الأندلسيّة [..] إنّما نؤمن بأنّها تطوّر تمّ هناك للمسمّطات و المخمّسات التي عرفت منذ العصر العبّاسي الأوّل " . ( ص 452 ) .
و يؤكّد د / محمود طرشونة على أهميّة العامل الاجتماعي إذ أنّ الأندلس بلد مفتوح على كلّ الأعراق متعدّد الأجناس ، الثقافة فيه قابلة للتنّوع و استيعاب الآخر و التفتّح عليه ، يؤثّر هذا في ذاك و يتأثّر به ، فظهر فنّ يعبّر عن هذا الإطار الاجتماعي المخصوص الذي يسعى فيه أهله إلى اثبات تميّزهم و تأكيد شخصيّتهم الحضاريّة الفريدة ، خاصّة إذا ما أضفنا العاملين البيئي و الحضاري اللّذين يقول عنهما طرشونة:" فالرياض الزاهية ، و البساتين المثمرة ، و اعتدال الجوّ ، و كثرة الجداول و الأنهار و الأشجار والإخضرار ، كلّها تمثّل إطارًا ملائمًا للإبتكار . و في مثل هذا الإطار كانت تعقد مجالس الطّرب و الأنس التي ساهمت بدورها في ابتداع فنّ التّوشيح لما لهذا الفنّ من صلة بالغناء ". ( م ، س ، ص 201 ـ 202 ) .
و تأكيدًا للبعد الاجتماعي و الحضاري يضيف احسان عبّاس سببًا آخر يراه وجيهًا لبيان أسباب نشأة الموشّح وهو أنّ بعضًا من الشّعراء المدّاحين أراد أن يجدّد في الشّعر التكسّبي و يتميّز عن غيره من شعراء المدح و يقدّم للممدوح فنًّا قوليًّا جديدًا يسحر به الألباب و به يسيطر على الآذان .
و بناءً عليه يكون الموشّح حسب احسان عبّاس : " ثورة على طبيعة القصيدة فهو حركة تجديديّة ، وهو أيضًا رجعة إلى الغنائيّة من وجهة أخرى ، أي هو زخرف حضاريّ قد ينطوي على كلّ مقوّمات السّطحيّة الجذّابة و التّرف المسترخي " . ( ص 217 ) .
II ـ مبدع فنّ الموشّح :
لئن أجمع أغلب الدّارسين ـ إلاّ من شذّ منهم ـ على أنّ فنّ الوشّح أندلسيّ أصيل نشأ بها و لا علاقة للمشارقة به ، فإنّهم اختلفوا في تحديد اسم مخترعه الأوّل ، و نجد في الصّدد روايتين مختلفتين تحاولان البتّ في المسألة ، و ترد الرّواية الأولى في ذخيرة ابن بسّام و تقول : " و أوّل من صنع أوزان هذه الموشّحات بأفقنا و اختراع طريقتها ـ فيما بلغني ـ محمّد بن محمود ( حمّود ) القبْري الضّرير " . ( ق 1 ، م 2 ، ص 1 ) ، و ترد الرّواية الثّانية في مقدّمة ابن خلدون و تقول : " و كان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدّم بن معافى القبْري من شعراء الأمير عبد الله بن محمّد المرواني و أخذ عته أحمد بن عبد ربّه صاحب كتاب العقد و لم يظهر لهما مع المتأخّرين ذكر و كسدت موشّحاتهما فكان أوّل من برع في هذا الشّأن عبادة القزّاز شاعر المعتصم بن صمادح صاحب المريّة .. و زعموا أنّه لم يسبقه وشّاح من معاصرين الذين كانوا في زمن الطّوائف " .( عن الرّكابي ، ص 287 ـ 288 ) .و قد أشار الرّكابي أنّ ابن خلدون قد أخطأ حين ذكر عبادة القزّاز ، و الصّواب هو عبادة بن ماء السّماء ، لكنّ احسان عبّاس يثبته بقوله : " وقد قدّم المؤرّخون عبادة القزّاز على سائر الوشّاحين في عصر الطّوائف و كان عبادة هذا شاعر المعتصم ابن صمادح ، و روي عن أبي بكر ابن زهر الوشّاح أنّه قال : كلّ الوشّاحين عيال على عبادة القزّاز ". ( ص 232 ) ، و السّبب بالنسبة إليه أنّ موشّحات ابن ماء السّماء لم يصلنا منها إلاّ واحدة مثبتة لدى المؤرّخين ، و بذلك يكون فضل التّطوير بالفعل لعبادة القزّاز .
إذن فهناك ذكر لشخصين يرجع فضل ابتكار الموشّح لهما ، و هما :محمّد بن محمود القبْري ، و مقدّم بن معافى القبْري و قد ظنّ بعض الدّارسين لفترة من الزّمن أنّهما اسمان لمسمّى واحد لكنّهم تراجعوا عن هذا الظنّ بعد أن ظهرت دراسات تثبث أنّهما فعلاً شاعران أندلسيّان معروفان في عصرهما . و لكن مع ذلك لا يحلّ اشكال مبتكر الموشّحات بإعتبار أنّه لا يمكن لشخص واحد أن يخترع فنًّا جديدًا بمفرده وبطريقة فجئيّة ، و الأقرب إلى المنطق و الحقيقة التّاريخيّة أنّ الموشّح ظهر في البداية محاولات عاديّة قام بها بعض الشّعراء و المغنّنين للخروج من دائرة القديم و تقديم الجديد ، ثمّ بدأت تتركّز شيئا فشيئا حين انتبه النّاس إلى جماليّتها و اعترفوا بها و انتهى عهد رفضها ، أي أنّ ما وصلنا من الموشّحات هو النموذج الأرقى لها و لا يمكن لأحد أن يبتكر فنًّا ما و يكون في صورته الرّاقية ، فكلّ فنّ يمرّ بمرحلة النشأة ثمّ مرحلة التّأسيس لنصل إلى مرحلة التّركيز .
و أهمّ الوشّاحين : أبو بكر عبادة بن ماء السّماء ، و عبادة القزّاز ، و و ابن اللُّبانة ، و الأعمى التُّطيلي ، و ابن بقيّ ، و ابن باجه ، و أبو بكر بن زهر ، و ابن سهل ، و لسان الدّين بن الخطيب .. (انظر كتاب الرّكابي ص 290 و عبّاس ص 233 ) .
III ـ تعريف الموشّح :
كما وجدت الإختلافات حول نشأة الموشّح و اسم مخترعه الأوّل ، و جدت اختلافات حول تعريفه، فرأى بعضهم أنّه مشتقّ من الوشاح و هو وشاح المرأة المزيّن المزركش المرصّع بالجوهر و اللّؤلؤ و الذي تقول عنه المعاجم : " كرسان لؤلؤ و جوهر منظومان مخالف بينهما معطوف أحدهما على الآخر " . ( عن عبّاس ، ص 220 ) ، و يعرّفه ابن سناء الملك ( شاعر مصري 550 هـ ـ 608 هـ ) مؤلّف أوّل كتاب متكامل عن فنّ الموشّحات و هو " دار الطّراز " ، فيقول : " الموشّح كلام منظوم على وزن مخصوص ، و هو يتألّف في الأكثر من من ستّة أقفال و خمسة أبيات و يقال له التّام ، و في الأقلّ من خمسة أقفال و خمسة أبيات و يقال له الأقرع ، فالتّام ما ابتدئ فيه بالأقفال ، و الأقرع ما ابتدئ فيه بالأبيات " . ( عن الرّكاب ، ص 293 ) . فهو إذن قريب جدًّا من الشّعر لأنّه فنّ ايقاعيّ يحتوي أوزانًا تتكوّن من بحور عروضيّة ، و قوافي ، و يفترق عنه من حيث أنّ فيه تنوّعًا في الأوزان و القوافي و هيكل النصّ وتوزيع الكلام على الورق ، و هو كما أراد له الأندلسيّون يشدّ المشرق العربي إلى مغربه و يتجلّى حضور المشرق فيه بما أنّه فنّ شعريّ ، و يتجلّى حضور المغرب فيه بما أنّه فنّ ابتكر هناك .
IV ـ عناصر الموشّح :
يتكوّن الموشّح في الأصل من عنصرين يسمّى الأوّل " القفل " و يسمّى الثّاني " الغصن " و يسمّى هذا الموشّح تامًّا ، أمّا إذا بدأ مباشرةً بالعنصر الثّاني فإنّه يسمّى " أقرع" ، و في الموشّح التّام نجد ستّة أقفال تتوسّطها خمسة أغصان ، و قد يزيد الوشّاح أو ينقص من هذا العدد ، و يسمّى جمع القفل بالغصن " دورًا " أو " بيتًا " ممّا يعطينا خمسة أدوار ( أو أبيات ) في الموشّح التّام و قفلا أخير يسمّى " الخرجة " ، و هي آخر ما يبقى في ذهن السّامع فإمّا أن تترك انطباعًا جيّدًا أو أن تسقط قيمة صاحبها ، مثل الخاتمة في الشّعر ، و عنها يقول : " و الخرجة هي ابراز الموشّح و ملحه و سكّره ، و مسكه و عنبره ، و هي العاقبة وينبغي أن تكون حميدةً " .( عن عبّاس ، ص 236 ) ، بل و يشترط أن يضبطها الوشّاح قبل قول الموشّح والبحث في ألفاظه و أوزانه ، و يجب أن تكون عامّيّةً ظريفة تترسّخ في الأذهان ، أمّا إذا كانت فصيحة فإنّها تخرج بالقول من دائرة الموشّح إلاّ إذا كان في المدح فالفصيح منه مقبول و يُذكر فيها اسم الممدوح .
و نورد مثالاً لأبي بكر محمّد بن زهر الأشبيلي :
سلّمِ الأمر للقضا فهو للنّفس أنفعُ
و اغتنمْ حين أقبلا
وجه بدرٍ تهلَّلا
لا تقلْ بالهمومِ لا
كلّ ما فات و انقضى ليس بالحزنِ يرجعُ
و اصطبحْ بابنة الكرومِ
من يديْ شادنٍ رخيمِ
حين يفترُّ عن نظيمِ
فيه برقٌ قد أومضا و رحيق مشعشعُ
V ـ أوزان الموشّح :
تقسّم أوزان الموشّحات إلى قسمين اثنين :
أ ـ قسم يرد على الأوزان الشّعريّة العروضيّة المعروفة ، و لكنّ الوشّاحين يستنقصون قيمته و يرون أصحابه بعيدين عن الإجادة ، منصرفين إلىالتّقليد.
ب ـ قسم هو ما خالف الأوزان التقليديّة المعروفة للشّعر العربي ، و ورد على أوزان مستحدثة لا قواعدلها و لا ضوابط ، أي أنّ الوشّاح يستحدث وزنه أثناء الإنشاد و الغناء ، و عنه يقول ابن سناء الملك : " و القسم الثّاني من الموشّحات هو ما لا مدخل لشيء منه من أوزان العرب . و هذا القسم منها هو الكثير ، و الجمّ الغفير [..] و كنت أردت أن أقيم لها عروضًا يكون دفترًا لحسابها ، و ميزانًا لأوتادها و أسبابها فعزّ ذلك و أوعز [..] و ما لها عروض إلاّ التلحين " . ( عن الرّكابي ، ص 301 ) .
و لم يرفض الدّارسون هذه الحريّة الإيقاعيّة بل برّروها انطلاقًا من أنّ الموشّح غناء و موسيقى يخضعان أوّلا لقانون الحريّة و التجديد ، فيقول جودت الرّكابي : " يتبيّن ممّا تقدّم أنّ العرب إنّما اخترعوا الموشّحات من أجل الغناء ، فيجدر بنا إذن ألاّ نطلب من الشّاعر الوشّاح أن يتقيّد بوزن قديم معروف تقيّدًا شديدًا . إنّ الذي يميّز هذا الفنّ و يكسبه جمالاً ليس العروض المقنّن بل حريّة الوزن " . ( ص 302 ) .
و يرى جودت الرّكابي أنّ العرب لم يبتكروا للموشّح أوزانًا مثل أوزان الشّعر المعروفة بالبحور والتفعيلات لا لعجزهم عن صنع ذلك ، و إنّما لتمكين المبدعين من الحريّة الإبداعيّة ، و قد لا نوافق على هذا الرأي لأنّ الشّعر أيضًا فنّ يقوم على الحريّة و الشّاعر يطلب الحريّة بإلحاح حتّى يبدع كما يشاء و مع ذلك وضعوا له قوانين الزاميّة و شروطًا قاسية ضاق بها الشّعراء ذرعًا فثاروا عليها في مختلف عصور الإبداع .
VI ـ أغراض الموشّح :
وردت الموشّحات الأندلسيّة في أغراض الشّعر المتداولة مثل الغزل و المدح و الفخر و الهجاء و الرّثاء لأنّها في الحقيقة فنّ قوليّ قريب جدًّا من الشّعر و قد أخذت منه بعض خصائصه في الوقت نفسه الذي افترقت فيه عنه ، و قد احتوت الكتب التي اعتنت بالموشّحات و على رأسها كتاب " دار الطّراز " لإبن سناء الملك أمثلة عديدة لتطرّقها لكلّ هذه الأغراض ، و عن ذلك يقول هذا الكاتب : " الموشّحات يُعمل فيها ما يعمل في أنواع الشّعر من الغزل و المدح و الرّثاء و الهجو و المجون و الزّهد " . ( عن الرّكابي ، ص 302 ) .و لكن بما أنّ الموشّحات قد تأثّرت في نشأتها بفنّ الغناء ـ كما بيّنّا سابقًا ـ و ابتكرت لفنّ الغناء و صارت فنًّا يلقى في مجالس الطّرب و اللّهو و المجون ، فإنّنا نجد أنّ أغلب أغراضها كانت تدور في هذا الفلك مثل الغزل و وصف مجالس الشّراب و اللّهو و الغناء و الرّقص و وصف القصور و الطّبيعة الأندلسيّة الغنّاء ، لا سيّما و أنّ قصور الأمراء كانت ملتقى هذه المجالس التي تفشّى وجودها ، مثل قول ابن زهر :
روض أظلّه دوحٌ عليه أنيقْ مـورق الأفـنـان
و الماء يجري و عائمٌ و غريقْ من جنى الرّيحان
و ربّما وصفت مواضيع الموشّحات بالتّافهة لأنّها أكثرت من التعلّق بهذه الأغراض و المعاني و ابتعدت عن الجديّة و الإلتزام و الإتّزان التي عرف بها الشّعر العربي القديم ، و لعلّ الأندلسييّن وجدوا فيها ـ وهي بهذا الشّكل ـ دواءً لنكباتهم السّياسيّة و الإجتماعيّة ، و مثّلت لهم عزاءً ينسيهم ما رزئوا به من محن ومصائب .
VII ـ الموشّح في ديوان ابن زيدون :
لقد وجدنا خلافًا في هذه المسألة بين الدّارسين ، حيث أنّ بعضهم اعتبر أنّ ابن زيدون طرق باب هذا الفنّ و أنتج فيه نصّين اثنين شهيرين مثبتين في الدّيوان ، و أنكر عليه بعضهم ذلك معتبرًا أنّ هذين النصّين ما هما إلاّ من الشّعر المسمّط الشّبيه بالموشّحات و الذي يدّعي بعض الدّارسين أنّ فنّ التّوشيح نشأ نتيجة تطوير هذا النّوع من الشّعر ، و منهم شوقي ضيف الذي يقول : " إنّما نؤمن بأنّها ( أي الموشّحات ) تطوّر تمّ هناك للمسمّطات و المخمّسات التي عرفت منذ العصر العبّاسي الأوّل " .( ص 452 ) ، و أثبت كامل الكيلاني هذين النّصّين في باب التّوشيح إذ كتب في رأس الصّفحة عبارة " موشّح أقرع " ، و نرى أنّ اسقاط هذين النصّين من فنّ التّوشيح فيه بعض التّعسّف و الظّلم لأنّنا نجد فيهما ما يتوفّر في الموشّح عادةً من عناصر و هي :
أ ـ الأقفال .
ب ـ الأغصان .
ج ـ الأدوار أو الأبيات .
د ـ الخرجة .
و موشّحا ابن زيدون الإثنان من نوع الأقرع لأنّه بدأهما بالأغصان عوض الأقفال ، و قد تنوّعت الخصائص الإيقاعيّة التي تبثت بالنسبة إلينا انتماءه إلى فنّ التّوشيح منها مثلا في نصّ " سقى الغيث أطلال الأحبّة " :
أ ـ المحافظة على عدد أسطر الغصن و هو 3 أسطر .
ب ـ المحافظة على عناصر الدّور و هي قفل و غصن ، رغم أنّ ابن زيدون يبدأ بالغصن عوض القفل ، فيكون موشّحه كما أشرنا إلى ذلك سابقًا من نوع " الأقرع " .
ج ـ تنوّع قوافي الأغصان إذ نجد : الميم ( المفتوحة ) ، و العين ، و الرّاء ، و الميم ( المكسورة ) ، والحاء ، و الجيم ، و الفاء ، و الهاء المكسورة ، و الهاء المضمومة .
د ـ ختم النصّ بالخرجة .
هـ ـ الإلتزام بالغرض الرّئيسيّ للموشّحات و هو الغزل و الحنين إلى حبيب الماضي و وصف الطبيعة و مجالس الخمر و اللّهو .
و قد أثبت ابن زيدون حريّته في موشّحيه حيث أنّه التزم ببحر واحد و هو الطّويل ( في الموشّحين ) على عكس الوشّاحين المشهورين الذين يفضّلون تنويع البحور في الموشّح الواحد ، كما لم يلتزم بعدد الأدوار النّموذجي و هو خمسة أدوار بل تجاوز هذا العدد بكثير ، فبلغ عشرة أدوار في الموّشح الأوّل و بلغ العشرين دورًا في الموشّح الثّاني " تنشّق من عرف الصّبا ما تنشّقا " .
أمّا بالنسبة إلى المعاني فإنّ ابن زيدون ركّز في هذين الموشّحين على حنينه إلى طرفين هامّين جدًّا في حياته رحل عنهما غصبًا و طرد من حضرتهما ظلمًا ، وظلّ على امتداد فترة غيابه عنهما يذكرهما بقلب كلّه شوق و أسى و عين تدمع لذكرهما و نفس تطارد خيالهما في الأحلام إنّهما الحبيبة ـ ربّما ولاّدة و ربّما أيّة حبيبة كانت و قد لا تكون واقعيّة ـ و وطنه قرطبة التي لم تستطع لا أشبيليّة التي وجد فيها الحظوة الكبيرة ، و لا بطليوس أن تنسياه حبّها العميق


* ملاحظة:
هذه الدّراسة من جزء من كتاب نشرناه بصفاقس سنة 2005 بعنوان "غزل ابن زيدون، عمق الأداء وجودة البناء".