نظرية بانوفسكي لتحليل اللوحة التشكيلية

بقلم بو بيريستروم

ترجمة: احمد يجاي – السويد

1- يطرح المتلقي عند مشاهدته لوحة ما التساؤلات التالية:

ماذا تعني هذه اللوحة؟

بريشة الفنان التعبيري غروسه

وبشكل عفوي وبدون اي تقييم يفكر بما يرى وبما يحدث في اللوحة, ربما تصور اللوحة اشخاصا ولون لباسهم واشياء اخرى من تكوينات والوان وخطوط واشكال ونقاط وهذا يعرف بالمعنى الاولي للوحة.

ماذا تعني اللوحة بكل اجزائها؟.

كيف كونت اللوحة, خطوط الزوايا ونقطة الوسط وما الى ذلك؟.

كيف تتحرك المساحات في اللوحة, النور والظل, والموجودات الأخرى من اشكال والوان وجزئيات أخرى؟.

2. المرحلة الثانية هي بحث المتلقي عن دلالات ورموز في اللوحة تجعله يقترب منها شعوربا كالحزن او الثراء او غيره وهذا يعرف بالمعنى الثانوي للوحة.

ماهي الدلالات القريبة من المتلقي؟.

هل تمثل اللوحة حدثا قريبا من المتلقي, ادم وحواء في الجنة مثلا؟

اخيرا يحاول المتلقي معرفة المعنى الحقيقي للوحة, وهنا من المهم معرفة اسم الفنان وسنة تنفيذ اللوحة والقيم والمباديء التي يحملها الفنان. ربما يستطيع المتلقي استشفاف معنى معين ( رسالة اللوحة) ربما لايتمكن الفنان من التعبير عن المعنى كلاما ولكن يمكنه فهمه وادراكه.

كيف عاش الفنان في مجتمعه, وماهي القيم التي اثرت في نفسه, ماهي القيم التي ميزت مجتمعه؟



مفتاح لغز اللوحة

هناك الكثير من الاسباب التي تدفع المتلقي لتحليل اللوحة. كثيرا مايحلل المتلقي اللوحة لانه يريد معرفة ودراسة مضمون اللوحة وماتريده من رسالة,ويتسائل عندما تحرك مشاعره لوحة ما, اذا لايدخل المتلقي محتويات اللوحة فحسب وانما في كيفية خلقها ليقف هنا على عملية البحث. ربما يريد معرفة الحقائق من خلال دراسة مختلف عصور التصوير واللوحات المعاصرة. هل هناك شيء معين ينتقده الفنان؟.

يوجد الكثير من الطرق لتحليل اللوحة ولكن الصفة المشتركة بين هذه الطرق هي محاولة المتلقي تعقيب الآثار والأشياء المكسورة الغامضة ليضعها في مكانها وصولا لمعرفة اللغز.

تعتير طرق التحليل ادوات المتلقي لفهم اللوحات, باستطاعتك اختيار اي طريقة تريد, احيانا هناك طرق تلائم اكثر من غيرها متعلقا بما تريد ان تحلله ولأي غرض تريد استخدام النتيجة.



طريقة بانوفسكي:

من انا وماذا اريد؟ مامعنى الحياة؟ هذه هي التساؤلات التي انشغل فيها العالم على مختلف العصور, وكل اللوحات تدور حول هذه التساؤلات.

تبنى الرغبة في محاولة فهم اللوحة في كثير من الاحيان على انشداد المتلقي امام اللوحة, يمكن ان يكون الشكل او المشاهدة الاولى التي تجذب المتلقي او الشيء الذي تتضمنه اللوحة.

لفهم ماذا يريد الفنان قوله في لوحته ينبغي على المتلقي ان يعرف اسم الفنان وعنوان وتاريخ اللوحة.



يمكن اختزال نظرية بانوفسكي في ثلاثة محاور:

1. ماهو المعنى الاولي للوحة؟

2. ماهو المعنى الثانوي للوحة؟

3. ماهو المعنى الحقيقي للوحة؟



وهنا نحلل لوحة ( الساعة الخامسة صباحا) رسمت عام 1921 لجورج كروز.

1. السؤال الأول ( المعنى الأولي) يدور حول ماهية الشيء الذي يراه المتلقي في اللوحة.

اللوحة مجزئة الى جزئين: الجزء الأعلى يصور ثمانية رجال يمشون باتجاه واحد ويحملون ادوات عملهم وطعامهم ويرتدون الملابس الشتائية, ومن خلفهم مداخن المعامل.

الجزء الأسفل من اللوحة يصور ستة اشخاص داخل بيت, اربعة رجال وامرأتين. الرجال يرتدون بدلات انيقة والنساء شبه عاريات, ويبدو عليهم مظاهر السمنة والرخاء, احد الرجال يداعب ثدي احدى المرأتين ورجل آخر يتقيأ.

الهدوء والنظام يلف الجزء الأعلى من اللوحة فيما يبدو اللانظام والتشنج في الجزء الأسفل.



2. السؤال الثاني ( المعنى الثانوي) يحاول المتلقي ايجاد حدثا معينا يقترن باللوحة مثل ادم وحواء في الجنة او طقس ديني آخر.

يصور كروز في هذه اللوحة رفاهية الطبقة الثرية وفقر العمال في العقد الثاني من قرن العشرين. الملابس الرثة للرجال الثمانية ونحولة اجسادهم يعكس فقرهم المدقع, وذهابهم الى العمل صباحا يفهمه المتلقي من خلال سيرهم بأتجاه واحد.

بينما يصور الجزء الأسفل الثراء الفاحش من شمبانيا وستائر ثقيلة وارائك وثيرة.



عندما يحلل المرء هذه اللوحة وفقا لنظرية بانوفسكي ينبغي عليه الأخذ بعين الاعتبار بعض الحقائق التي لايمكن رؤيتها في اللوحة, بل ينبغي قراءة المراجع والكتب حول كيفية حياة الناس حينئذ في المانيا حيث عاش كروز.

حين عرضت اللوحة لأول مرة عرف المتلقي مايقصده الفنان. ان الفنان استخدم هنا المقارنة للتعبير عن شيء لايمكن له الفصح عنه كلاما.

ينتمي جورج كروز الى جماعة فنية سياسية ظهرت في برلين بعد الحرب العالمية الأولى انتقدت الطبقة الثرية واعتبرتها تعيش على حساب الأكثرية من طبقة العمال.



نظرية علم الحروف

نشأت هذه النظرية في مطلع القرن العشرين لفهم اللغة المكتوبة واللهجة الدارجة وتطورت فيما بعد لتشمل وسائل الاتصال الأخرى ومن ضمنها الصورة. تتناسب هذه النظرية تماما مع تحليل صور وسائل الاعلام المرئية مثل الصحف والمجلات التي تحتوي على صورة ونص.



1. تأثير الصورة

عندما تشد المتلقي صورة ما يقوده هذا الانشداد الى الاستمرار في ترجمة الصورة.

لننظر الى صورة القطة التي تشدني امامها لقوة وقعها في نفسي وللشعور الذي اعتراني. اول شيء افكر به هو مالذي يجري هنا.



2. المعنى الاولي للصورة

مالذي يجعلني مشدودا امام هذه الصورة؟ كيف استطاع الفنان ان يعطيني هذا الشعور؟

الصورة الفوتغرافية تمثل صورة ليدان تمسكان بقوة قطة بأذنين معكوفتين الى الخلف مما يدل على عدم ارتياحها فوق وعاء ماء مليء بالماء.

يننظر المتلقي اولا وبدقة الى ماتحتويه الصورة من اشكال واشياء وطبيعة واحداث والى بناء الصورة من تكوين والوان وخطوط وضوء والتكنيك الذي استخدمه الفنان.



3. معنى الصورة

يربط المتلقي مايراه مع مايفكر به لحظة رؤيته للصورةالفوتغرافية. انا شعرت بالعطف على القطة لأنها ارغمت على فعل هذا الشيء.

يقاسمني الكثير من الناس نفس الشعور عندما ينظرون الى هذه الصورة لأن كل مجتمع له تقاليده وقيمه حول ماهو صحيح وخطأ وجيد ورديء (كل مجتمع يعيش على بقعة ارض معينة وزمن معين يقرأ ويترجم ويحلل ويعيش الحدث الذي يراه تقريبا بنفس المفهوم(

المقال مأخوذ من موقع: http://www.tshkeel.com